لأخوة أعضاء المنتدى تحية طيبة وبعد:
وهذا موضوع عن تطور الكتابة العربية
أرجو من الأخوة الذين لديهم فكرة عن هذا الموضوع أن يدلو بدلوهم للمساهمة في إثراءه


ولكم من الود أجمله

النقط والشكل

يُعتبر النقط والشكل في الكتابة العربية أثرًا من آثار الإسلام فيها ، ذلك لأن الكتابة في العصر الجاهلي
لم تكن منقوطة ولا مشكولة ، غير أنه لما اختلط العرب بالأعاجم فشا اللحن في كلامهم ، وأخذ الفساد
يتطرق إلى العربية ومن ثم إلى القرآن ، ولم يكن بد حينذاك من وضع النحو .

مقدمة موجزة :

وضع أبو الأسود الدؤلي النحو بتكليف من زياد أمير العراق 67 هـ - 686 م .
واستعان الدؤلي في ذلك بعلامات كانت عند السريان يدلون بها على الرفع والنصب والجر ، ويميزون
بها بين الاسم والفعل والحرف .
وإذا كان من المقطوع به أن الشكل أو " العلامات الإعرابية " أمر حادث على الكتابة في الإسلام ؛ فإن
النقْط بمعنى إضافة النقَط إلى الحروف المتشابهة في الرسم ( كالباء والتاء والثاء والياء ) قد يكون أقدم
عهدًا ...
وتدل بعض الكتابات العربية التي ترجع إلى أوائل العقد الثالث الهجري ( 22 هـ ) على أن العرب
كانوا يستعملون النقط قبل إنشاء الكوفة ، واستقرارهم في العراق ؛ أي قبل زياد وأبي الأسود بزمن .
والمتصفح لمجموعة الأرشيدوق رينر البرْدية المحفوظة في المكتبة الأهلية بفينا يجد بعض هذه الحروف
المتشابهة قد نُقط ، وبعضها قد أغفل .

الإصلاح الأول في الكتابة العربية :

كان العرب يعتبرون نقط الكتاب أو شكله سوء ظن بالمكتوب إليه ، وكان عرب الصدر الأول من
الإسلام يكرهون إن يضيفوا شيئا إلى مصحف عثمان ولو بقصد الإصلاح .
ولكن الضرورة أجازت وقوع الأمر المكروه ، وأخذ المتحمسون لوقاية كتاب الله من التحريف واللحن
يفكرون في وسيلة ؛ فاخترعوا الشكل وعمموا النقط بحيث غدت الحروف المتشابهة رسمًا كالدال
والذال غير قابلة للالتباس ؛ ولتمييزهما لم تنقط الدال ، ونقطت الذال .
وكانت طريقة الدؤلي في شكل أواخر الكلمات أن استحضر كاتبا ، وأمره أن يتناول المصحف ، وأن
يأخذ صبغًا يخالف لون المداد ؛ فإذا رأى الكاتب أبا الأسود قد فتح شفتيه على آخر حرف ، نقط نقطة
واحدة تحت الحرف بالصبغ المخالف فيكون هذا هو الكسر ، فإذا ضم شفتيه جعل الكاتب النقطة بين
يدي الحرف ( أمامه ) فيكون هذا هو الضم ، فإن تبع الحرف الأخير غُنَّة نقط الكاتب نقطتين إحداهما
فوق الأخرى ، وهذا هو التنوين .

الإصلاح الثاني
:

وقد تم في خلافة عبدالملك بن مروان في آخر القر الأول الهجري حين قام يحيى بن يعمر ، ونصر بن
عاصم بوضع " الإعجام " بمعنى النقط عندما كثر تصحيف القراءة في العراق .
عند ذلك فزع الحجاج إلى كتَّابه ، وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المتشابهة في الرسم علامات تميز
بعضها عن بعض .
فوضع نصر ويحيى " الإعجام " بمعنى النقط ، ونقطت الحروف بنفس مداد الكتابة ؛ لأن نقط الحرف
جزء منه .

الإصلاح الثالث :
وكان ذلك عندما دعت الحاجة إلى المخالفة بين " الشكل " الذي وضعه الدؤلي بمداد مخالف لمداد الكتابة ،
وبين الإعجام ( النقط ) الذي وضعه نصر ويحيى .
وكان هذا الإصلاح الأخير في العصر العباسي الأول حين اضطلع الفراهيدي بمهمة إبدال النقط التي
وضعها الدؤلي للدلالة على الحركات الإعرابية بجرات علوية وسفلية للدلالة على الفتح والكسر ،
وبرأس واو للدلالة على الضم ؛ فإذا كان الحرف المحرك منوَّنًا كررت العلامة فكتبت مرتين فوق الحرف
أو تحته أو أمامه .
واصطُلِح على أن يكون السكون الخفيف ( الذي لاإدغام فيه ) رأس خاء بلا نقط ( حـ ) أو دائرة ( o )
وأن يكون السكون الشديد ( سكون بإدغام ) على هيئة رأس شين بغير نقط ( سـ ) ، وللهمزة رأس
عين ( عـ ) ، ولألف الوصل رأس صاد ( صـ ) ، وللمد الواجب ميم صغيرة مع جزء من الدال ،
وهكذا وضع الفراهيدي علامات ثمان : الفتحة والكسرة والضمة والسكون والشدة والمدة وعلامات
الصلة والهمزة .
وغدا ممكنا بعد هذا الإصلاح أن يجمع الكاتب بين شكل الكتاب ونقطه بلون واحد دون لبس بينهما .

المصدر: YIAL FORUMS


تطور الكتابة العربية تطور